أبرز المواقف والمحطات في حياة "أنتوني كوين الشرق" محمود المليجي ..رفض العالمية ومات وهو يمثل

محمود المليجى

برع في أدوار الشر وجسدها على الشاشة كحالة، وليس دورًا ينتهي منه في نهاية الفيلم مع انكشاف الأضواء وتصفيق الجمهور، هكذا يتقمص محمود المليجي أدواره، ويندمج فيها كأنها جزءا منه وهو جزءا منها لنجاح العمل.

تستعرض "مصر 24"أهم خطوط حياته المليئة بالإخلاص للفن، كما ذكرها في حوارات ولقاءات قديمة ونادرة.


 

 

ولد عام 1910 بحي المغربلين بالقاهرة أحد أقدم أحياء القاهرة الشعبية وأشهرها.. ونـشأ في بيـئة شعبـية حتى بعـد أن إنـتقل مـع عائلـته الـى حـيّ الحلـمية، وبعـد أن حصل على الشـهادة الإبـتدائـية إخــتار المدرسة الخديوية ليكمل فيها تعليمه الثانوي. وكان حبه لفن التمثيل وراء هذا الاختيار حيث أن الخـديوية مدرسـة كـانت تشـجع التمـثيل، فمـدير المدرسة “لبيب الكرواني” كان يشجع الهوايات وفي مقدمتها التمثيل، فالتحق المليجي بفريق التمثيل بالمدرسة، حيث أتيحت له الفرصة للتتلمذ على أيدي كبار الفنانين، أمثال : أحمـد عـلام، جـورج أبيض، فتوح نشاطي، عزيز عيد، والذين استعان بهم مدير المدرسة ليدربوا الفريق.

انضم محمود المليجي في بداية عقد الثلاثينات من القرن الماضي، وكان مغموراً في ذلك الوقت إلى فرقة الفنانة فاطمة رشدي، وبدأ حياته مع التمثيل من خلالها، حيث كان يؤدي الادوار الصغيرة، مثل أدوار الخادم على سبيل المثال، وكان يتقاضى منها مرتب قدره 4 جنيهات مصرية في ذلك الوقت.

ولاقتناع الفنانة فاطمة رشدي بموهبته المتميزة رشحته لبطولة فيلم سينمائي اسمه (الزواج) بعد أن إنتقل من الادوار الصغيرة في مسرحيات الفرقة إلى أدوار الفتى الاول، إلا أن فشل الفيلم جعله يترك الفرقة وينضم إلى فرقة رمسيس الشهيرة أيضاً، حيث عمل فيها ابتداءاً في وظيفة ملقن براتب قدره 9 جنيها. في عام 1939 تزوج من رفيقة عمره الفنانة علوية جميل التي كانت إحدى عضوات فرقة رمسيس أيضاً، وإستمر زواجهما حتى وفاته، وإشتركا معاً في عدة أعمال منها أفلام (سجين الليل) – (أولاد الفقراء) – (برلنتي) – (الملاك الابيض)

كما أنه وقف، في عام 1936، أمام “أم كلثوم” في فيلمها الأول (وداد).. إلا أن دوره في فيلم (قيس وليلى) هو بداية أدوار الشر له، والتي استمرت في السينما قـرابة الثـلاثين عاماً.. حـيث قـدم مـع فـريـد شـوقـي ثنائياً فنياً ناجحاً، كانت حصيلته أربعمائة فيلماً.

نقطة التحول فيلم “الأرض""محمد أبو سويلم"أخـاف يوسف شاهين

وكانت نقطة التحول في حياة “مـحـمـود المـليجي” في عـام 1970، وذلك عندما اختاره المخرج “يوسف شاهين” للقيام بدور"محمد أبو سويلم" في فيلم “الأرض"

فقد عمل فيما بعد في جميع أفلام يوسف شاهين، وهي: الاختيار، العصفور، عودة الابن الضال، إسكندرية ليه، حدوته مصرية. وقد تحدث يوسف شاهين عن المليجي، فقال:

   "كان محمود المليجي أبرع من يـؤدي دوره بتلقائية لـم أجـدها لدى أي ممثل آخر، كمـا أنني شـخصـياً أخـاف من نظـرات عينيه أمام الكاميرا"

وقد ترك المليجي بصماته في المسرح أيضاً منذ أن اشتغل مع “فاطمة رشدي”، حيث التحق فيما بعد بفرقة “إسماعيل ياسين“، وبعدها عمل مع فرقة “تحيَّـة كـاريـوكـا”، ثـم فـرقـة المـسرح الجـديـد.. وبـذلـك قـدم أكـثر من عـشرين مـسرحية، أهـمـها أدواره في مسرحيات: يوليوس قيصر، حـدث ذات يوم، الـولادة، ودور “أبو الـذهب” في مـسرحية أحمد شوقي “علي بك الكبير”.

و ينجح في تقديم أدوار الشر التي برع فيها وبلغ شهرة واسعة جعلته من أهم النجوم في تاريخ السينما المصرية والعربية ايضا . تميز بأدوار الشر التي أجادها بشكل بارع. تميز في أدوار رئيس العصابة الخفي، كما لعب أدوار الطبيب النفسي. ومثل أدواراً أمام عظماء السينما المصرية رجالا ونساء. ولم يكن فقط يمثل أدوار الشر، فقد برع أيضاً في تقديم نوعية إخرى من الادوار وهى الادوار الإنسانية مثل أدواره في فيلمي ” حكاية حب “و” يوم من عمري ” مع عبد الحليم حافظ.

"كدت أصبح مطرباً"

وما لايعرفه الكثيرأن الفنان الكبير محمود المليجى أحد أيقونات الفن وأهم من قدم أدوارالشروالقتل والبلطجة كان يحلم فى بداية حياته بأن يكون مطرباً، ليس هذا فحسب بل كان يتوق إلى منافسة موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب وأن يتفوق عليه؟

تميز الفنان الكبير محمود المليجى بصوته الذى لا تخطأه أذن ونظرة عينيه الثاقبة التى تستطيع أن تجسد أقصى درجات الشروالرعب فى أدوار الشروفى نفس الوقت استطاع أن يستخدمها فى تجسيد أقصى درجات الحزن والقهر كما فعل فيما قدمه من أدوار جسد فيها شخصية الأب أو الفلاح الطيب ومنها شخصية محمد أبو سويلم فى فيلم الأرض، ولكن هل كانت نبرة صوته المتميزة تؤهله للغناء والطرب كما كان يحلم فى شبابه وصباه؟

 

فى عام 1954 وفى أحد الأعداد النادرة من مجلة الكواكب كتب الفنان الكبير محمود المليجى مقالا بعنوان :"كدت أصبح مطرباً" ،

قال فيه أن والده كان من هواة الموسيقى والطرب وكان لديهم فى المنزل بيانو وبعض آلات العزف وجهاز "فونوغراف"، ومجموعة من اسطوانات المطربين والمطربات القدامى، وكان والده يجمع أصدقاءه كل ليلة للاستماع إلى اسطوانات عبده الحامولى وغيره، ثم يقوم بعضهم من الهواة بالغناء والعزف.

وتابع المليجى قائلا:" كان والدى يسمح لى بحضور بعض هذه السهرات كلما سمحت ظروفى المدرسية، وذات يوم جاء إلى البيت أحد أصدقاء أبى فاستقبلته ولم يكن أبى موجوداً، وأدخلته إلى الحجرة التى تضم آلات العزف وجلسنا نتحدث فى شئون الطرب والموسيقى، وكشفت له عن هوايتى الموسيقية وجلست أمامه أغنى بعض الأغانى المشهورة فى هذا الوقت"

وأشار الفنان الكبير خلال مقاله المنشور بالكواكب إلى أن صديق والده أبدى إعجابه بصوته ونصحه بتعلم الموسيقى وأبدى استعداده لمخاطبة والده للموافقة على ذلك، ولكنه فوجئ بعد أيام بوالده يكيل له سيلا من الشتائم ويطلب منه أن يتفرغ لدراسته ويقطع كل صلة بينه وبين هوايته الموسيقية، فعرف المليجى أن صديق والده فاتحه فى الموضوع وأن الأب يرفض احترافه للموسيقى بشكل قاطع، بل حرمه من حضور السهرات التى كان يعقدها فى البيت لهواة الموسيقى.

ولكن المليجى أصر على هوايته فى ذلك الوقت واخذ يتردد على مسارح الغناء ليستمع إلى أشهر المطربين، كما تعرف على عدد من الموسيقيين وبدأ يتلقى دوساً فى أصول الغناء والطرب والموسيقى على يد أحد المطربين المغمورين، الذى استغل ما يدفعه المليجى له من أجر شهرى يقتطعه من مصروفه كمصدر رزق له،  فكان يجامله ويوهمه بأنه سيصبح من أشهر مطربى عصره بل وسينافسهم، وأن صوته أفضل من صوت المطرب الناشئ فى ذلك الوقت محمد عبدالوهاب وسيحقق نجاحاً أكثر منه فى عالم الطرب.

وقال المليجى فى مقاله أنه قرر ذات يوم أن يغنى أمام عدد من أصدقاءه ، فجمعهم فى البيت أثناء غياب والده وطلب منهم أن يصارحوه بالحقيقة وألا يجاموه.

وأضاف قائلا:" ما أن انتهيت من الغناء وتلفت حولى حتى وجدت أصدقائى متفرقين فى أنحاء البيت هرباً من الاستماع إلى صوتى، وقال لى أحدهم: "أن صوتى أشبه بصوت مدفع رمضان"، وكانت هذه الجلسة أخر صلة بينى وبين الموسيقى، وقررت بعدها ان أمتنع عن الغناء وأكتفى بالثقافة الموسيقية وألتفت لدراستى"

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • You can align images (data-align="center"), but also videos, blockquotes, and so on.
  • You can caption images (data-caption="Text"), but also videos, blockquotes, and so on.