تعرف على السيرة الذاتية لـ"أحمد زويل" فى ذكرى ميلاده

أحمد زويل

كتب : ياسمين محمد 

تحل اليوم ذكرى ميلاد عالم الكيمياء المصرى الدكتور أحمد زويل، الذى ولد فى مثل هذا اليوم 26 فبراير من عام 1946م، والحاصل على جائزة نوبل فى الكيمياء عام 1999، لأبحاثه فى مجال كيمياء الفيمتو، ويعتبر رائد علم كيمياء الفيمتو، ولقب بـ"أبو كيمياء الفيمتو"، وخلال التقرير التالى نستعرض نبذة عن حياته.

أحمد زويل 

ولد أحمد حسن زويل فى مثل هذا اليوم 26 فبراير 1946، بمدينة دمنهور بمحافظة البحيرة، ثم انتقل فى سن الرابعة مع أسرته إلى مدينة دسوق بكفر الشيخ.

أحمد حسن زويل عالم مصري عاش في الولايات المتحدة الأمريكية، وساهم في نشر العديد من الأعمال في مجال الكيمياء الفيزيائية، حتى أصبح يُعرف باسم أبو كيمياء الفيمتو، والفيمتو مصطلح كيميائي يشير إلى دراسة التفاعلات الكيمائية في زمن قصير جداً، وكان زويل قد شغل عدّة وظائف ومناصب خلال مسيرة حياته، فقد شغل منصب أستاذ في الفيزياء والكيمياء في معهد كاليفورنيا التقني، ورئيس قسم الكيمياء خلفاً للعالم لينوس بولينغ، وكان أيضاً مديراً لمركز الأحياء الفيزيائية للعلوم والتكنولوجيا فائقة السرعة (بالإنجليزية: Ultrafast Science and Technology)، ولتفوقه في مجال الكيمياء نال زويل جائزة نوبل في  الكيمياء عام 1999م.

نبذة عن حياة أحمد زويل

 وُلد أحمد زويل في السادس والعشرين من شهر شباط من عام 1946م، وهو الابن الأكبر لعائلة تنتمي إلى الطبقة الوسطى لوالده حسن زويل الذي كان ميكانيكياً يعمل في تجميع الدراجات قبل أن يعمل كموظف حكومي، أمّا والدته فتدعى روحية دار، وقد نشأ زويل وترعرع في مدينة الاسكندرية، وحصل على شهادة البكالوريوس في العلوم عام 1967م، وواصل دراساته العليا ونال الماجستير من جامعة الإسكندرية في الكيمياء عام 1969م، ثم انتقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية وحاز على درجة الدكتوراه من جامعة بنسلفانيا عام 1974م، وقد أشرف علية الأستاذ روبن هوشستراسر المعروف باهتمامه وعمله المتميز في مجال تحليل الطيف الجزئي، وكان زويل قد أجرى عدّة أبحاث بعد نيله لدرجة الدكتوراه، ثمّ عمل في مجموعة تضُم الأستاذ بونر هاريس في جامعة كاليفورنيا، حيث عملا معاً على الجوانب النظريّة والتجرييبة في ميدان تحليل الطيف إلى جزيئات، وأصدر العالمان مفهوماً شاملاً يصف التماسك في النظم متعددة الأبعاد، ثمّ باشر زويل بعدها العمل ضمن هيئة التدريس في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، والمعروف باسم كالتك (بالانجليزية:Caltech).

إنجازات أحمد زويل

أحمد زويل و كيمياء الفيمتو

 تُعدّ سلسلة التجارب التي أجراها العالم زويل نقطة انطلاق لعلم جديد هو كيمياء الفيمتو (بالإنجليزية: Femtochemistry)، حيث أدرك زويل أنّ استخدام التحليل الطيفي للمجال البصري- الذي يتكون من الأشعة السينّية والأشعة تحت الحمراء، والأشعة المرئية- غير مُجدٍ في دراسة حركة الجزيئات الدقيقة، لهذا وجّه زويل ومضات من أشعة الليزر التي تتحرك بسرعة الفيمتو ثانية* - تمّ اكتشافها في منتصف الثمانيات- على التفاعلات، ليلتقط صوراً دقيقة ومتتابعة ترصُد حركة الذرات والجزيئات أثناء التفاعلات الكيميائية في البعديين الزماني والمكاني - الزمكان-، والتي كان قد عجز عنها العلماء من قبلهِ بسبب السرعة الهائلة التي تتم فيها عملية التفاعل وتكوين روابط جديدة وتفكيك أخرى وتشتت الإلكترونات عند تعرضها للضوء، قدّم زويل باكتشافه هذا إضافة عظيمة لعلوم الأحياء، والكيمياء الفيزيائية، وعلم المادة، وهو الأمر الذي استحق على إثره اعتراف لجنة نوبل بنجاح تجاربه في عام 1999م، وقد كان ذلك بعد اثنتي عشرة سنة من التجارب المستمرّة في هذا الحقل.

إنجازات أخرى

 أحدث زويل ثورة علمية حقيقة في مجال الديناميات الهيكلية من خلال اختراعه للميكروسكوب أوالمجهر الإلكتروني رباعي الأبعاد (4D-EM)، والذي مكّنه من تحديد الوقت والمكان الحقيقيين لحركة الجزيئات الدقيقة، حيث تضمن هذه التقنية درجة عالية من الدقة في كثير من مجالات العلوم، سوآء كان في علم الأحياء أو الفيزياء، أوعلوم المواد، أوعلم النانو، ومع تواصل البحث والتجارب توصّل زويل في أوائل القرن العشرين إلى نظام الانحراف أو الحيود الإكتروني فائق السرعة، وشكل البلورات وحركتها للعديد من الأنظمة مثل جزيئات الماء، وادمصاص الجزيئات على الأسطح، بالإضافة لليبيدات ثنائية الطبقة.

نشر أكثر من 350 بحثًا علميًا فى المجلات العلمية العالمية المتخصصة مثل مجلة ساينس ومجلة نيتشر.

الجوائز والتكريمات

كتب أحمد زويل خلال مسيرة حياته ما يُقارب الستمائة مقال، وما يزيد على العشرة كتب، وحاز على أكثر من مئة جائزة وشهادة فخريّة، كمّا حظي على تكريم عدّة دول تقديراً لمساهماته في خدمة العلوم وفي المجالات العامة، حيث وصل مجموع ما حصده إلى خمسين درجة فخرية في عدّة مجالات منها العلوم، والفنون، والفلسفة، والقانون، والطب، والخطابات الإنسانية، من مختلف الجامعات، و المؤسسات التعليمية منها جامعة أكسفورد (بالإنجليزية: Oxford University)، وجامعة كامبريدج (بالإنجليزية: Cambridge University)، وجامعة بكين (بالإنجليزية: Peking University)، وجامعة إيكول نورمال سويبريور الفرنسيّة (بالإنجليزية: Ecole Normale Superieure)، وجامعة ييل (بالإنجليزية: Yale University)، وجامعة بنسلفانيا (بالإنجليزية: University of Pennsylvania)، وجامعة الإسكندرية، ومن بين الأوسمة التي حاز عليها زويل من عدة دول، أعلى وسام تكريّم في جمهورية مصر وهو " قلادة النيل العظمى"، فيما حصل أيضاً على مرتبة الشرف من قبل رئيس فرنسا، بالإضافة إلى ما شغله زويل من مناصب في عدة أكاديميات وجمعيات علمية منها الأكاديمية الوطنية للعلوم، والجمعية الملكيّة في لندن، والجمعيّة الفلسفيّة الأمريكية، والأكاديمية الفرنسيّة، والأكاديمية الروسيّة، والأكاديمية الصينيّة، والأكاديمية السويديّة، كما صدرت طوابع بريدية تحمل اسمه وصورته تخليداً لإنجازته ومساهماته في العلوم والإنسانية. ومن ضمن الجوائز والميداليات التي نالها زويل جائزة ألبرت أينشتاين العالميّة، ووسام بنجامين فرانكلين، وجائزة ليوناردو دافنشي، وجائزة روبرت، وجائزة وولش الأمريكية، وجائزة الذئب، بالإضافة إلى جائزة الملك فيصل العالمية في العلوم، والميدالية الذهبية أتمر (بالإنجليزية: Othmer Gold Medal)، وميدالية بريستلي الذهبية باسمه. وفي عام 2011م، أنشأت الحكومة المصرية مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا كمشروع وطني للنهضة العلمية، حيث كان أحمد زويل أول رئيس مجلس أمناء لها، وكان ذلك بعد قيام الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" بتعيين زويل في مجلس المستشارين للعلوم والتكنولوجيا عام 2009م، وفي ذات العام الذي عُيِّن زويل كأول مبعوث علمي للولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط، أمّا في عام 2013م فقد دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون زويل للانضمام إلى المجلس الاستشاري العلمي للأمم المتحدة، وتجدر الإشارة إلى أنّ زويل خدم في مصر في مجلس مستشاري الرئيس أيضاً.

بعض مؤلفات أحمد زويل

 ألّف زويل العديد من المؤلفات التي عُدّت إضافة كبيرة في ميادين العلوم المختلفة، وكان منها ما يأتي:

التقدم في التحليل الطيفي بالليزر:

(بالإنجليزية: Advances in Laser Spectroscopy)

الذي نُشر في عام1977م.

التقدم في كيمياء الليزر:

(بالإنجليزية: Advances in Laser Chemistry) الذي نُشر في عام 1978م.

الكيمياء الضوئية وعلم الأحياء:

(بالإنجليزية: Photochemistry and Photobiology) الذي يتكون من مجلدين نُشرا عام 1983م.

الرابطة الكيميائية:الهيكل والديناميات:

(بالإنجليزية: The Chemical Bond: Structure and Dynamics)الذي نُشر عام 1992م.

الكيمياء الحيوية: ديناميات فائق السرعة في الرابطة الكيميائية:

( بالإنجليزية: Femtochemistry: Ultrafast Dynamics of the Chemical Bond) الذي نُشر عام 1994م.

رحلة عبر الزمن: مناحي الحياة لجائزة نوبل:

الذي نُشر عام 2002م، وتُرجم إلى 19 لغة منها: الإنجليزية، والفرنسية، والألمانية، والإسبانية، والرومانية، والمجريّة، والروسية، والعربية، والصينية، والكورية، وبهاسا ملايو الماليزية، والإندونيسية، والهندية، والأذربيجانية.

عصر العلم:

الذي نُشر عام 2005م.

الزمان:

الذي نُشر عام 2007م.

حوار الحضارات:

الذي نُشر عام 2007م.

اهتمامه بالوطن العربي ومصر

 توجهت اهتمامات أحمد زويل نحو بلده مصر بشكل خاص، إلّا أنّه لم يغفل عن واجبه تجاه عروبته وتوضيح دور العرب في إغناء حقول العلم كافة، فكان كثيراً ما يتحدّث في خطاباته ومقالاته عن تاريخ العرب العظيم في تطور العلم، وكونهم أساس في كثير من العلوم والمعرفة، كمّا شجّع أبناء بلده على السعي إلى التميُّز والتفوق من جديد عن طريق الاستثمار في التعليم، و البحث العلمي بشكل أساسي، وهو الأمر الذي دفعه للسعي في بناء مدينة زويل للعلوم و التكنولوجيا في عام 2013م، ليكون هذا الصرح بيئة مناسبة لتغطيّة المجالات اللازمة لتنميّة المجتمع المصري، وكان زويل الذي جمع بين الثقافتين الشرقية والغربية وأفكارهما يرى أنّ استخدام "القوة الناعمة" في التعليم، والدبلوماسيّة، والتنمية الاقتصادية أكثر جدوى وأقل تكلفة من استخدام القوة والعدوان العسكري، أو المساعدات الخارجية. دعى زويل للتعليم باعتباره حقاً أساسياً لا بُدّ من الحصول عليه نظراً لأنّه أساس القدرة والتفوق، فدعى إلى تجاوز حواجز البيروقراطية التي جعلت التعليم حكراً على طبقة معينة من الناس، وكان يتطلع إلى الوقت الذي يحصل فيه جميع أطفال مصر الموهوبين على التعليم الواسع الذي ينمي مواهبهم ويقودهم نحو التطور، فيما يقتصر التعليم العالي على مُستحقيه، كما اعتقد أنّ تحقيق مستقبل مزهر للبلاد يتمثّل بالتغييرات التي تطرأ على التعليم، والبيروقراطية، والقانون الداخلي.

وفاته

توفي أحمد زويل في الثاني من شهر آب عام 2016م عن عمر يناهز السبعين عاماً، وترك خلفه زوجته الطبيبة ديما الفحّام - التي تزوجها عام 1989م-، وأربعة أبناء هم: مها، وأماني، ونبيل، وهاني، فيما شُخِّص سبب وفاته بإصابته بسرطان في العمود الفقري، ومن الجدير بالذكر أنّ زويل كان قد قضى آخر أيام حياته في الولايات المتحدة، فيما تجلّت رغبته في أن يدفن في وطنه مصر، حيث تجمع آلاف المصريين لتشييعه إلى مثواه الأخير.