دكتوره اسراء سمير تكتب عن: رأس المال الاجتماعي وأثره على زيادة فاعلية أداء المنظمات الحديثة

اولا: رأس المال الاجتماعي نظرا للدور الفعال الذي يلعبه رأس المال الاجتماعي في المنظمات الحديثة من خلال تلك العلاقات التي ينميها 
داخلها ومن خلال الثقة التي يجسدها فيما بينهم بغية التخفيف من حدت الصراعات وتدعيم مستوى الرضا لديهم فما هو رأس المال الاجتماعي وما هي أهميته مقارنة بالأنواع الأخرى لرأس لمال.
1.1: نشأة المفهوم وتطور ظهوره أن أول من تطرق إلى مصطلح رأس المال الاجتماعي بشكل غير مباشر يقال هو توفل في كتابه
الديمقراطية في الولايات المتحدة الأمريكية في القرن 19م. وذلك بدراسته لتأثير الديمقراطية على الترابط الاجتماعي ونزعة المواطنين اتجاه الخدمات العامة. إلا أن هناك من يعتبر ظهور هذا المصطلح يعود إلى كتابات هاتفان في وائل القرن 20م وبالتحديد لسنة 1916م والتي اهتمت بدراسة رأس المال الاجتماعي وعلاقته ببعض الممارسات الاجتماعية بعينها كالثقة والتواصل الاجتماعي...الخ. ليختفي المصطلح شبه كليتا عن الدراسات الأكاديمية ليعود للظهور في أوائل الستينات وبالتحديد في الدراسات التي قدمها كل من جان كالوب ولورى جيرمين ولكن بصفة
محتشمة)i(. إلى أن شهد المصطلح انتعاشا مزدهر في أوائل السبعينات بفضل اهودات التي بذلها العالم الفرنسي في علم
الاجتماع بيير بوردو حيث قدم له تعريف وبين أهم أسسه ولكن تلك الدراسة لهذا المفهوم كانت من ناحية علم الاجتماع. ليأتي العالمان جيمسكلمان وروبرت بوتنام ويقومان بدراسة المصطلح من الناحية الاقتصادية.
ومن بين أهم التعاريف التي نسبة له تعريف العالم الفرنسي بيير بوردو والذي عبر عنه بأنه " جميع الموارد والطاقات الكامنة في الشبكات الاجتماعية، والتي تسعى إلى تحقيق منافع جماعية بفعل القيم التي تتحكم في البنى الاجتماعية. تلك القيم التي تتجسد في هياكل وتنظيمات اجتماعية متماسكة تسهل عملية التفاعل الاقتصادي
والسياسي وتشكل البنية الأساسية للعلاقات الاقتصادية وتعزيز الثقة المتبادلة، وتحل المشكلات الاجتماعية كما يعرفه كلا من Bina,Azari & Falatoo على انه مفهومه يتمحور في عدد من المعايير أو الأبعاد أبرزها الثقة، الأخلاق، الولاء والعلاقات الحميمية التي منشؤها العمل الجماعي، والتي من شاء أن تسهل عملية التناسق والتكامل في تحسين كفاءة الأداء داخل المنظمة وتفشي روح العمل الجماعي لدى كافة أعضاء
المنظمة. )وفي تقرير التنمية البشرية 2003 تم تعريف رأس المال الاجتماعي بأنه "يعبر على النظام المؤسسي والعادات
والتقاليد التي توثر عليها بما ينعكس على التفاعلات الاجتماعية والاقتصادية ذات التأثير المباشر على التنموي من جميع جوانبه في حين أشار كل من )Cohl Fields إلى أن رأس المال الاجتماعي تعبر عن شبكة عمل شاملة تضم بداخلها جماعات وفرق عمل لا يمكن تجزئتها بكل سهولة ويسر، والتي من شاء
توفر الجو المناسب وإطار العمل المتناسق لرأس المال البشري الذي يعمل داخل المنظمة. وعليه يمكن تعريفه على انه مجموعة من القيم التي تكتسبها الفرد من خلال محيطه. والتي يتولد عنها علاقات
اجتماعية وتماسك والتنسيق بين أفراد المتنوعه، تنعكس في حدود الثقة التي تنشا بينهم. من اجل القيام بأعمال بشكل جماعي من اجل تحقيق أهداف مشتركة.  أهمية رأس المال الاجتماعي

 

ان الاهتمام برأس المال الاجتماعي في منظمات الأعمال أصبح ضرورة حتمية وملحة تفرضها التقلبات العالية في البيئة الخارجية والداخلية على حدا سواء، كما أن تطور قدرات هذه الأخيرة على تحقيق الانتماء الاجتماعي  وخلق درجة عالية من الثقة المتبادلة وتقوية أواصر التعاون، قد تعد من بين أهم الأدوات التي تعتمد عليها البلدان المتماسكة في مواجهة الصراعات العالمية الراهنة والتي لا تؤمن بالحواجز الجغرافية والعرقية والدينية. وينعكس الإدراك الأساسي لأهمية رأس المال الاجتماعي في المنظمات بالالتزام الكبير للعاملين اتجاه أهداف المنظمة ورغبة واستعداد كبير اتجاه المرونة في العمل وتطوير الرموز واللغة والمعايير المشتركة، ومستويات عالية من الثقة والتعاون. كما يساهم رأس المال الاجتماعي مساهمة فاعلة في سهولة الحصول على الخدمات وكذلك مواجهة المشاكل، وتفعيل الجهود المدنية، وتحقيق الترابط الاجتماعي وتقويته، والثقة في النظم الاجتماعية وتفعيل الولاء والانتماء للهوية الثقافية للمجتمع وتحديد إطار الاتجاه التنموي لمختلف أفراد وعموما يمكن إجمال هذه الأهمية لا على سبيل
الحصر في النقاط التالية) تخفيض تكاليف الصفقات في مجال الأعمال انطلاقا من تحقيق مستويات عالية من الثقة وروح التعاون بين
منظمات الأعمال. تخفيض معدل دوران العمال والتقليل من نسبة الغيابات غير مبررة وتخفيض تكاليف التدريب. 3( زيادة نسبة التعاون بين العمال في مجال المعرفة مما يساهم في زيادة مخزون رأس المال الفكري لديها. 4( تحقيق التوازن التنظيمي والفهم المشترك للقضايا المشتركة مما يعمل على تحقيق التماسك بين أفراد المنظمة.
3.1 : أنواع رأس المال الاجتماعي رأس المال الاجتماعي البنيوي والمدرك: يمكن لهذين النوعين أن يتراكما على ثلاثة مستويات
وهي على النحو التالي: المستوى الجزئي، والمستوى المتوسط، وأخيرا المستوى الكلي وذلك تبعا لأهمية ودرجة تأثير كل مستوى في الحياة العامة للمجتمع. إذ أن المستوى الجزئي يكون تأثيره محدودا نوعا ما ويشتمل على تلك العلاقات التبادلية التي تنشأ داخل الأسرة والأقارب(. أما المستوى المتوسط فيشتمل بدوره المستوى الجزئي مضاف إليه تلك العلاقات التي يعود منشؤها إلى الجمعيات بشتى أنوعها انطلاقا من جمعيات الحي إلى غاية الجمعيات الإقليمية. وفي الأجير المستوى الكلي والذي بدوره يشتمل على المستوى المتوسط مضاف إليه تلك العلاقات التي تنشأ داخل مؤسسات الدولة كالأحزاب وجمعيات المدني التي لها صدى على المستوى الإقليمي
والدولي : رأس المال الاجتماعي الداخلي: ويمثل مجموعة الموارد الداخلية التي تعكس خاصية العلاقات
الاجتماعية داخل المنظمة. وبالتالي فهو يتجسد في تلك العلاقات التي تنشا داخل المنظمة وتعمل على إحداث تنسيق متناغم ما بين موظفيه: رأس المال الخارجي: ويقصد به مجموعة الموارد الكامنة لدى المنظمة والتي يمكن توظيفها في تلك العلاقة التي تربط المنظمة بمحيطها الخارجي، خاصة تلك العلاقات التي تربطها بالمؤسسات الاقتصادية.: وهناك من يقسمه تبعا لإبعاده وذلك وفقا لما يلي: البعد الإدراكي: ويشير إلى الأسلوب العام
للعلاقات الاجتماعية بين الأفراد داخل المنظمة. والتي تتضح جليا في علاقات العمل ومدى تنظيمها وتنسيقها من منطلق أن لكل عامل وجهات نظر وتصورات وأهداف تختلف عن بقية العمال. لذا فان البعد الإدراكي بدوره ينقسم إلي قسمين : الأول يتمثل في الرؤية المشتركة والتي تعني التوحيد في الأهداف والرؤى ؛ والقسم الثاني فيشمل اللغة المشتركة والتي تتجسد في المصطلحات المهنية التي يستخدمها الجماعة في الاتصال فيما بينهم ويطلق عليها القواعد الفنية للاتصال . أما البعد الهيكلي: يتجسد في تلك الروابط القوية بين العمال أو فرق العمل داخل المنظمة ؛ من منطقة المشاعر المتبادلة والألفة والتفاعل نتيجة للالتقاء المتكرر ووحدة الأهداف . ويخضع كل ذلك لقوة شبكة العمل. وأخير البعد العلاقاتي: ويتجسد هذا الدور في تلك العلاقات الشخصية التي تربط العاملين داخل المنظمة وكافة الأفراد المكونين للمجتمع في بصيفه عامة والزبائن بصيفه خاصة. لذا فهي ترتكز على أسس
الثقة التي تسود في وعلاقات الصداقة والتعاون والالتزام المشتر: قياس رأس المال الاجتماعي لقياس رأس المال الاجتماعي في مجتمع ما نجد صعوبة كبيرة، وهذا راجع إلى عدم وجود اتفاق محدد لتعريفه.
ورغم كل هذا هناك عد محاولات لقياسه واغلبها تعتمد في قياسه على قياس الإبعاد التي يسعى رأس المال الاجتماعي لتحقيقها وذلك من خلال إجراء استفتاء من خلال تحضير استبانه فيها أسئلة تخص المحاور وإبعاد رأس المال الاجتماعي، ويتم توجيهها إلى عينة عشوائية للمجتمع المراد دراسته، ثم يتم تحليلها واستنباط أهم النتائج المتمخضة عنها وهناك من حاول قياسه انطلاقا من قياس مؤشراته والتي هي على النحو التالي: العلاقات الاجتماعية، الشبكات الاجتماعية بغض النظر عن طبيعتها، العضوية في جمعيا المدني، الثقة سواء
الشخصية أو اتجاه الإدارة ، المساعدة المتبادلة وأخيرا الروابط(. ثانيا: الفاعلية التنظيمية
تسعى العديد من المنظمات وان لم نقل كلها إلى تحسين مستوى أدائها، من خلال تحقيقها للأهداف التيعند صياغة خطتها الإستراتجية: تعريف الفاعلية: يعتبر برنارد أول من حاول أن يقدم تعريف للفعالية التنظيمية، معتمدا في ذلك على
عنصر الهدف كمؤشر رئيسي لها، حيث أعتبرها إي نشاط مقترن بمدى النجاح في تحقيق الهدف الذي وجدت من اجله(.
إذ وصفت عل النطاق الذي يمكن المنظمة باعتبارها نظام اجتماعي، من الحصول على الموارد اللازمة والوسائل المناسبة من اجل تحقيق أهدافها(.. خصائص الفاعلية: تمتلك الفاعلية العديد من الخصائص تكمن في الاستمرارية على مدى طول حياة المنظمة. كم تمتاز بالشمولية لجميع الأبعاد التي تنطوي عليها المنظمة سواء على الناحية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية...الخ. وأخير التنوع بحيث تستفيد من مخرج جهات عديدة ومتنوعة انطلاقا من العاملين
داخلها وصول إل(: أهمية الفاعلية التنظيمية تكمن أهميتها فيما يلي(:
• تعبر بشكل أساسي عن التنظيم الحركي والمتجدد والذي يسعى إلى تحقيق أهدافه المسطرة، ومن ثم
لفعالية التنظيمية هي مبرر أساسي لوجود التنظيم، وهو في الأخير معيار للحكم على نجاحه. • قياس الفعالية يعد بمثابة تقييم الأداء الكلي للمنظمة. لذا تعتمد العديد من المنظمات عليها في التعبير على 
مدى نجاح الأداء الكلي لها. • تعتبر بمثابة المؤشر الذي يعبر على مدى نجاحها على جميع الأصعدة. وبشكل متناسق بحيث يمتلك القدرة
على وصف وتلخيص الأبعاد المميزة للمنظمة.: قياس فاعلية المنظمة:
تشير الأدبيات في مجال الإدارة إلى وجود العديد من المداخل والنماذج النظرية لقياس الفاعلية التنظيمية
وعناصرها. ومن أهم هذه المداخل ما يلي)xvii( :
: مدخل الهدف Gool Model : مدخل الهدف أقدم المداخل التي استخدمت في قياس الفاعلية التنظيمية .. وينطلق أنصار هذا المدخل من الافتراض التالي والذي مفاده إن لكل منظمة غاي تسعى للوصول إليها.لذا فانه في أخر المطاف يمكن قياس مدى تحقيق ذلك أم لا. وبالتالي الحكم على مدى فاعليتها. ومن بين أهم رواد هذا الاتجاه Hall,Daft( ),Robbins و كل من )Northeraft & Neale( إذ يؤكدن ذلك وبل صراحة أن فاعلية المنظمة تعبر
القدرة التي تمتلكها هذه الأخيرة والتي تسمح لها بتحقيق الأهداف المراد الوصول إليها)(..: مدخل الموارد: يركز هذا المدخل على قدرة المؤسسة على الحصول على المصادر النادرة والقيّمة من
بيئتها الخارجية واستخدامها لذلك ولقياس فاعلية المؤسسة لابد من تقييم الانسجام الداخلي للمؤسسة في استخدام مصادرها ونجاح آلية عملها)
: مدخل تطور الذات Self - Development ويركز هذا المدخل على قدرة المؤسسة على تطوير ذ، كمعيار للحكم على مدى فعاليتها، وذلك من خلال التأكيد على المتغيرات الإنسانية والبيئية التي تؤثر في المؤسسة وتتأث: مؤشرات القياس اعتمدت البحوث التطبيقية، التي أجريت على العديد من المنظمات ومن بينها الجامعات، عدد من المؤشرات
للدلالة على مدى فاعليتها. إذ أن مؤشرات المرونة والتطوير والتماسك والإشراف الديمقراطي والموثوقية والانتقاء والتنوع والتفويض والمساومة والتأكيد على النتائج والتعاون والاتصال والإشراف المحكم كلها مؤشرات اعتمدت للدلالة علة مدى فاعلية المنظمة لكل من xx) .Weitzel,et,al.&Mahoney(.
أما Robbins فاعتمد في قياسه للفاعلية على مؤشرات وهي على النحو التالي(: درجة المهارة في تأسيس العلاقات بجميع أنواعها، طبيعة الاتصالات والتفاعل الاجتماعي، اعتماد التقييم على الأطراف الخارجية، السيطرة على البيئة، مستوى الإجماع على الأهداف التنظيمية، وأخيرا مدى إيمان العاملين في المنظمة بالأهداف المراد تقيمها
ة أما فيما يخص المنظمات التعليمية بما فيها الجامعات فنجد أن الفاعلية قد عبر عنها بمؤشر الرضاء لدى العاملين
 فيها وبما تساهم به من أبحاث علمية واختراعات(.
ثالثا: : العلاقة بين رأس المال الاجتماعي وفعالية المنظمة توجد هنالك عدة إبعاد يجب أن لا في الحكم على مدى فعالية المنظمة بمعية الآثار الاقتصادية التي تؤثر
بشكل كبيرا ومن بينها الآثار الاجتماعية، آذ يرى G.Bressy " أن نماذج الحياة القيم الأخلاقية والفنية والتيارات الفكرية للمجتمع الذي تقع في المنظمة يؤثران بشكل مباشر في مدى تحقيق نتائجها المسطرة سابق وبالتالي الحكم على مدى فعاليتها")(. وبالتالي فان دراسة الإطار الثقافي والاجتماعي تساعد على فهم وتفسير المواقف
الاجتماعية المختلفة والاتجاهات والأهداف التي يود الأفراد تحقيقها)(. إذ لا تمثل خسارة المنظمة في انخفاض فحسب. وإنما المنظمات التي تفتقرا للكفاءة والفاعلية غالبا ما
يعزى ذلك إلى افتقارها إلى العناصر التي تولد قيم رأس المال الاجتماعي التنظيمي، الذي لا يمكن تلمس أضارها في المدى القريب وعلى المستوى الفردي للأفراد بقدر ما يظهر ذلك على المدى البعيد، إذ تتدهور سمعة المنظمة وتفقد ثقة الجمهور)xxv(.
كما يعبر رأس المال الاجتماعي على تطوير رأس المال الفكري داخل المنظمة. من خلال توفير بيئة ملائمة لتبادل المعارف والخبرات بين فرق العمل داخلها، مما تولد على ذلك من تراكم المعلومات وزيادة رصيدها المعرفي. والتي تترجم في الأخير إلى تحسن في سبل الاستثمار)(.
كما يعمل رأس المال الاجتماعي على تدعيم التعاون بين الأفراد. وخلق توافق بين أسواق العمالة الداخلية والخارجية من خلال تعزيز العلاقات التي تعمل على تطوير فاعلية المنظمة(.
كما حدد سكولر أربع أسباب تجعل من رأس المال الاجتماعي مهما بالنسبة للمنظمة وأوجزها على النحو التالي)xxviii(:
يؤدي التركيز على العلاقات الاجتماعية داخل المنظمة إلى تدعيم التماسك بين العمال وجعله من بين أهم الأولويات التي تعمل على القضاء على الخلافات الجانبية.
• يساعد على إحداث التوازن في العلاقات التي تجريها المنظمة سواء الداخلية منها أو الخارجية. • تساعد على تبني إستراتجية طويلة الأجل في صنع السياسات والاستراتجيات. وتشيع التعاون المفضي إلى
زيادة الرصيد الفكري والمعرفي للمنظمة. • تدعيم الاستقرار الوظيفي والتقليل من نسبة هروب العمالة
وهناك عدة فوائد عملية اضافة إلى ما سبق يمكن للمنظمة تحقيقها من خلال الاستثمار في راس المال الاجتماعي ويمكن اجمالها في النقاط التالي
1( ترسيخ قيم الالتزام الوظيفي.٢( تحقيق ما يسمى بالعمل ذو الاداء العالي. 3( المساهمة في تعزيز العمل الجماعي