في مثل هذا اليوم، 14 يونيو من عام 1940، وُلدت الفنانة زبيدة أحمد ثروت في محافظة الإسكندرية، داخل أسرة أرستقراطية ذات أصول شركسية، وكان والدها ضابطًا في البحرية، وأحد الضباط المقربين من الملك فاروق.
منذ الطفولة، تمتع وجه زبيدة بنعومة ورقة لافتة، جعلت كل من يراها يتنبأ لها بمستقبل مختلف. كانت طفلة هادئة، تهوى القراءة والكتابة، وتحب الفن، لكنها كانت متفوقة دراسيًا، ما دفع أسرتها لتشجيعها على دراسة القانون.
من كلية الحقوق إلى بوابة الشهرة
التحقت زبيدة بكلية الحقوق في جامعة الإسكندرية، وكانت تطمح أن تصبح محامية في قضايا الأحوال الشخصية، لكن القدر كان يخبئ لها بابًا آخر للشهرة. فازت بلقب “أجمل مراهقة في مصر” عام 1955، من خلال مسابقة نظمتها مجلة “الجيل”، وكانت صورتها المنشورة كافية لتفتح لها أبواب السينما.
رآها المنتج حسن رمزي والمخرج حلمي رفلة، وأعجبا بملامحها، فعرضا عليها أول أدوارها في فيلم “دليلة“ عام 1956، أمام عبد الحليم حافظ وشادية، كدور ثانوي، لكن الجمهور التفت فورًا إليها.
صعود الصاروخ.. والبطولات السينمائية
انطلقت زبيدة ثروت بسرعة الصاروخ، خصوصًا بعد أن أدّت دور البطولة في فيلم “يوم من عمري” عام 1961، أمام العندليب عبد الحليم حافظ، الذي وقع في حبها كما أكدت لاحقًا في حواراتها الصحفية، وقالت: “عبد الحليم طلب الزواج مني، لكن والدي رفض لأنه كان مريضًا”.
قائمة أفلامها تضم أكثر من 30 فيلمًا من أنجح إنتاجات الستينيات، منها:
-
في بيتنا رجل (مع عمر الشريف)
-
نصف عذراء
-
الملاك الصغير
-
شمس لا تغيب
-
الحب الضائع
-
زوجة غيورة جدًا
-
أنا لا أكذب ولكني أتجمل (مع أحمد زكي)
وكانت مشهورة بلقب “قطة السينما المصرية” نظرًا لجمالها الهادئ، وعينيها الزرقاوين النادرتين.
زيجات وأحزان شخصية
تزوجت زبيدة ثروت 4 مرات، أولها من ضابط بحري، وهو والد بناتها الأربع، لكن الزيجة انتهت سريعًا. كما ارتبطت لفترة قصيرة بالفنان سيف عبد الرحمن، ثم برجل أعمال لبناني، ثم تزوجت من محامٍ شهير، لكن لم تستمر أي من زيجاتها طويلاً.
في حواراتها الأخيرة، قالت: “لم أعرف الحب الحقيقي إلا مرة واحدة، وكان من طرفي فقط”.
أيقونة أنوثة وموضة
لم تكن فقط ممثلة بارعة، بل كانت أيضًا أيقونة موضة وجمال في الستينيات والسبعينيات، وتنافست صورها على أغلفة المجلات الفنية الكبرى مع سعاد حسني وفاتن حمامة.
وكان لها ستايل خاص في ارتداء الأزياء الكلاسيكية الغربية والشرقية، حتى أن بعض المصممين طلبوا منها التعاون كعارضة.
اعتزال مفاجئ وحياة بعيدة عن الأضواء
في أواخر السبعينيات، أعلنت زبيدة ثروت اعتزال الفن بشكل مفاجئ، بعد أن شعرت أن الزمن تغيّر، وأنها لا تستطيع التكيف مع الموجة الجديدة من السينما، التي بدأت تتخلى عن القيم والذوق كما وصفتها.
اختفت عن الأضواء تمامًا، وابتعدت عن الوسط الفني، ورفضت الظهور حتى في المناسبات العامة.
معاناة مع المرض.. ووفاة هادئة كما تمنّت
كانت مدخنة شرهة طوال حياتها، وهو ما تسبب لها لاحقًا في سرطان الرئة، وأُصيبت بمرض عضال في السنوات الأخيرة، وعانت في صمت. ظهرت في آخر لقاء تلفزيوني لها مع الإعلامي عمرو الليثي عام 2014، حيث بدت مرهقة لكن محتفظة بجمال ملامحها.
وفي يوم الثلاثاء 13 ديسمبر 2016، رحلت زبيدة ثروت عن عمر ناهز 76 عامًا، ودفنت بهدوء في مقابر الأسرة بالإسكندرية، تاركة وراءها سيرة فنية نظيفة ومكانة مميزة في قلوب عشاق الزمن الجميل.