لم يكن «عبدالرازق»، المعروف بين جيرانه بـ«عبده اللول»، يتوقع أن تدخلَه لفض مشادة بين سائق ميكروباص وفتاة، ستتحول إلى نهاية مأساوية لحياته. بعد أداء صلاة الجمعة مع والده وشقيقه، توجه عبدالرزاق إلى عمله كمشرف أمن بإحدى شركات العقارات بالتجمع الخامس، واتصل بزوجته قبل الغروب كعادته ليخبرها بعودته للغداء، إلا أن القدر لم يمهله، فكانت تلك المكالمة آخر اتصال له مع أسرته.
المشادة تتحول لجريمة قتل
في موقف التجمع، نشبت مشادة كلامية بين سائق ميكروباص وراكبة حول أولوية الجلوس، تطورت إلى تحرش وسباب. حاول عبدالرازق التدخل قائلاً: «دي ست.. مينفعش تتشتم بالألفاظ دي»، لكن تدخلَه أشعل فتيل العراك، حيث استعان السائق بأصدقائه، لتتحول المشادة إلى اعتداء مسلح أدى إلى طعن عبدالرازق ثلاث طعنات نافذة في الوجه والرقبة والرأس، ليسقط غارقًا في دمائه أمام عشرات الشهود.
الصدمة للأسرة
ساعة كاملة قضتها الأسرة في قلق بعد تأخره عن العودة، قبل أن يتلقى شقيقه اتصالًا غامضًا يدعوه للحضور إلى المستشفى، وهناك تحولت الآمال إلى كابوس، إذ اكتشفوا أن «أبو تالا» قد فارق الحياة، تاركًا خلفه زوجة ثكلى وطفلة لم تتجاوز شهرها الأول.
ألم لا ينتهي
الخبر وقع كالصاعقة على قلب الأم التي صرخت بحرقة وحسرة: «ذنب بنته إيه تطلع على الدنيا متلاقيش أبوها في ضهرها.. أنا عايزة القصاص.. عايزة إعدام عشان نار قلبي تبرد».
رحل عبدالرازق عن عالمه قبل أن يتمتع بحياته الزوجية، تاركًا طفلة رضيعة تعرف والدها فقط من الصور، وسيرة طيبة بين جيرانه الذين عرفوه بالمروءة والشهامة.
اعترافات المتهم والتحقيقات
قررت جهات التحقيق حبس سائق الميكروباص 4 أيام على ذمة التحقيقات، بعد اعترافه بارتكاب الجريمة داخل مركبته باستخدام أداة حادة «مفك»، إثر مشادة كلامية، مؤكداً أنه لم يقصد القتل وأن الغضب دفعه للتصرف بهذه الطريقة.
استمعت التحقيقات أيضًا إلى أقوال شهود الواقعة، الذين أكدوا أن المشادة بدأت بعد تدخل عبدالرازق للدفاع عن فتاة تعرضت لمضايقات من السائق، قبل أن تتصاعد الأمور إلى مشاجرة انتهت بسقوطه قتيلاً أمام الركاب.

