الدكتورة إسراء تكتب عن.. أهم محاور التنمية الإجتماعية ..

 

تعد التنمية بمفهومها العام عملية واعية موجهة لصياغة بناء حضاري اجتماعي متكامل يؤكد فيه المجتمع هويته وذاتيته وإبداعه، والتنمية بهذا المفهوم تقوم أساساً على مبدأ المشاركة الجماعية الفاعلة والإيجابية بدءاً بالتخطيط واتخاذ القرار ومروراً بالتنفيذ وتحمل المسئوليات وانتهاء بالانتفاع من مردودات وثمرات مشاريع التنمية وبرامجها، وبهذا تكون التنمية تخطيطاً وتوظيفاً أمثل لجهود الكل من أجل صالح الكل مع التركيز على صالح القطاعات والفئات الاجتماعية التي تحتاج أكثر من سواها لتطوير قدراتها وزيادة كفاءاتها وتحسين أوضاعها.

تعتبر التربية في الوقت الحاضر علماً وصناعه وفناً وممارسة، والذي يقوم با لعملية التربوية هو الإنسان البشري، فهو إذا صانعها وهو بالتالي صانع الحضارات من خلالها.


وكلما بذل الإنسان المربي جهد في سبيل تنمية مجتمعه كلما ارتقى بحضارته وتقدم بمجتمعه وارتفعت أمته وزاد إنتاجه في وطنه وعظم ذلك الوطن وازدهر.
إن الهدف التنموي الذي تسعى إليه التربية هو تطوير والنشء وتمكينه من صنع حياته،و الارتقاء بمجتمعه للوصل لحياة أفضل.


وللتنمية عدت تعاريف:
• هي عملية تهدف إلى تحقيق زيادة سريعة وتراكمية خلال فتره من الزمن محددة وقصيرة نسبياً وتستهدف إحداث تغيرات نوعية بالإضافة إلى التغيرات الكمية وذالك عن طريق الجهود المنظمة.


• هي عملية تحويل واستثمار كل الطاقة الذاتية والكامنة والموجودة فعلاً بصورة شاملة تحقق الاستقلال للمجتمع والدولة والتحرر للفرد.
• هي الجهود المنظمة التي تبذل وفق تخطيط مرسوم للتنسيق بين الإمكانيات البشرية والمادية المتاحة في وسط اجتماعي معين، بقصد تحقيق مستويات أعلى للدخل القومي والدخول الفردية، ومستويات أعلى للمعيشة والحياة الاجتماعية في نواحيها المختلفة كالتعليم والصحة والأسرة والشباب، ومن ثم الوصول إلى تحقيق أعلى مستوى ممكن من الرفاهية الاجتماعية .


أولاً:مفهوم التنمية:
هناك اختلاف واضح بين مصطلح النمو والتنمية، فلنمو يشير إلى عملية الزيادة الثابتة والمستمرة التي تحدث في جانب معين من جوانب الحياة.
أما التمنية: فهي عبارة عن تحقيق زيادة سريعة تراكمية ودائمة عبر فترات من الزمن تخضع لإدارة بشرية ومجهود أنساني.

ولكي يكون المصطلحان أكثر وضوحاً يhوضحهم بطريقة أسهل وابسط:

النمو/
1. النمو يشير إلى عملية الزيادة المستمرة التي تحدث في جانب معين من جوانب الحياة.
2. النمو يحدث في الغالب عن طريق التطور البطيء والتحول التدريجي.
3. يعبر عن الزيادة التي تحدث في كل المجتمعات على اختلاف مستوياتها الاقتصادية والاجتماعية والحضارية دون النظر إلى المستوى النسبي الذي تبدأ منه عملية النمو.
4. النمو عملية تلقائية طبيعية تحدث باستمرار دون تدخل الإنسان لإسراعها. 

التنمية /
1. التنمية الاجتماعية فهي عبارة عن تحقيق زيادة سريعة تراكمية ودائمة عبر فترة من الزمن.
2. التنمية فتحتاج إلى دفعة قوية ليخرج المجتمع من حالة الركود والتخلف إلى حالة التقدم والنمو، وهذه الدفعة القوية تقف على طرفي نقيض مع عملية التطور المتدرج.
3. يطلق مصطلح التنمية على ما يحدث في البلاد المتخلفة فقط من تزايد في النمو تلحق هذه الأمم بالركب الحضاري.
4. تشير إلى النمط المعتمد في التدخل الإنساني وعن طريق الجهود البشرية المنظمة.
.
وهناك أوجه تشابه بين كل من النمو والتنمية:

1. عملية التغير بها واضحة وهي بالجوانب الكيفية أكثر من الجوانب الكمية.
2. قد تكون في الكم والكيف ولكن لا تكون في جانب واحد وهو الكم فقط.

وهناك مفهوم وثيق جداً بين النمو و التنمية وهو التغير، فالتغير هو عملية التحول من حالة إلى أخرى أو هو التحول في الاتجاه دون إن يكون لهذا الاتجاه مسار محدد كأن يكون لأمام أو للخلف.

ثانيا: عناصر التنمية الاجتماعية:

 

نستطيع إجمال العناصر الرئيسية للتنمية الاجتماعية في النقاط التالية:
I- التغير البنيوي: ويقصد بذلك النوع من التغير الذي يستلزم ظهور أدوار وتنظيمات اجتماعية جديدة تختلف اختلافا نوعياً عن الأدوار والتنظيمات القائمة في المجتمع، ويقتضي هذا النوع من التغير حدوث تحول كبير في الظواهر والنظم والعلاقات السائدة في المجتمع.
II - الدفعة القوية: ويمكن أن تحدث الدفعة القوية في المجال الاجتماعي بإحداث تغيرات تقلل التفاوت في الثروات والدخول بين المواطنين وبتوزيع الخدمات توزيعاً عادلاً بين الأفراد وبجعل التعليم إلزامياً ومجانياً قدر الإمكان. وبتأمين العلاج والتوسع في مشروعات الإسكان إلى غير ذلك من مشروعات وبرامج تتعلق بالخدمات.
III- الاستراتيجة الملائمة: ويقصد بها الإطار العام والخطوط العريضة التي ترسمها السياسة الإنمائية في الانتقال من حالة التخلف إلى حالة النمو الذاتي وتختلف الإستراتيجية عن التكتيك الذي يعني الاستخدام الصحيح للوسائل المتاحة لتحقيق الهدف.
ولكي يتم استخدام هذه الوسائل استخداما صحيحاً لابد وأن تكون هذه الوسائل موزعة وفقاً لخطة حسنة الإعداد من شأنها أن تمكن واضع التكتيك من أن يستغل جميع الأدوات التي تحت تصرفه استغلالاً كاملاً. ويستبعد طبعاً من الاستراتيجيات ما يسمى إستراتيجية عدم التدخل من قبل الدولة فالدولة تلعب دوراً فعالاً في عملية التنمية الشاملة.

دور التربية في العملية التنموية:
1. إيجاد قاعدة اجتماعية عريضة مستعملة وذالك لضمان حد أدنى من التعليم لكل مواطن.
2. المساهمة في تعديل نظام القيم والاتجاهات بما يتناسب مع الطموحات التنموية للمجتمع من خلال تعزيز قيمة العمل والإنتاج ودعم الاستقلالية في التفكير والموضوعية في التصرف.
3. تأهيل القوى البشرية وإعدادها للعمل في القطاعات المختلفة وعلى كل المستويات وذالك بتزويدها بالمعارف والمهارات والقيم اللازمة للعمل.

ثالثــا: التلازم بين التنمية الاجتماعية والاقتصادية:
ولم يأت عام 1960 إلا وكان لفظ التنمية يجري على كل لسان بين الاقتصاديين والاجتماعيين في كل دول العالم وفي هيئة الأمم والهيئات الدولية المختلفة، وكانت التنمية هي الشغل الشاغل للاقتصاديين والاجتماعيين الذين قسموها إلى قسمين:لقد ظهر مفهوم التنمية بعد الحرب العالمية الثانية، ولاسيما في أوائل الخمسينات، حيث بدأ العلماء الاقتصاديين والاجتماعيين يقسمون الدول من حيث بنيانها الاقتصادي وما وصل إليه من تطور ومن حيث مستوى الحياة الاجتماعية والمعيشة فيها إلى دول مختلفة ودول نامية ودول متقدمة.


التنمية الاقتصادية: وهي تتجه إلى تنمية الإنتاج وزيادة الدخول القومية والفردية، أي زيادة الثروة.

التنمية الاجتماعية: والتي تهدف كما أشرنا إلى رفع مستوى الحياة الاجتماعية من حيث الصحة والتعليم والمستوى المعاشي والخدمات بشتى أنواعها.
ولكن سرعان ما تبين للباحثين مما لا يدع مجالاً للشك أنه من المستحيل الفصل بين كلا النوعين من التنمية. لأن كلاً منهما شرط لتحقيق الآخر.
وهكذا التحمت التنمية الاقتصادية بالتنمية الاجتماعية وظهر اصطلاح التنمية الشاملة، وازداد استخدامه للتعبير عن هذا التلاحم. 

رابعاً: ماهية التنمية الاجتماعية:
يخلط البعض بين مفهوم تنمية المجتمع والتنمية الاجتماعية وستعرض الفرق في الجدول التالي:
تنمية المجتمع التنمية الاجتماعية
1. تكون في الجوانب الزراعية والصناعية والتجارية.
2. تنمية المجتمع عملية تنظميه بين إفراد المجتمع من جهة والهيئات الحكومية الرسمية من جهة أخرى.
3. يهدف تنمية المجتمع لحل المشكلات ورفع مستوى الفرد الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتربوية بالاستفادة الكاملة من الموارد البشرية. 1. حركة مصححة لتحقيق الحياة الأحسن للمجتمع ككل عن طريق المشاركة الفعالة لأفراد المجتمع.
2. التنمية الاجتماعية هي عملية تغير اجتماعي مقصود ومخطط له تلحق بالبناء الاجتماعي ووظائفه وتسعى لإقامة بناء اجتماعي جديد .
3. تهدف التنمية الاجتماعية لإشباع الحاجات الاجتماعية للإفراد.

خامسا: نماذج التنمية الاجتماعية:
يوجد ثلاث نماذج للتنمية الاجتماعي هي :
1)النموذج التكاملي: ويتمثل في مجموعة البرامج التي تنطلق على المستوى القومي وتشمل كافة القطاعات الفرعية للتنمية ولكافة المناطق في الدولة مع تحقيق التنسيق الكامل بين الجهود الرسمية الحكومية المخططة والجهود الشعبية المستشارة
2)النموذج ألتكيفي:ولا يتطلب هذا النموذج استحداث تغييرات في التنظيم الإداري القائم لأن برامجه يمكن إن تنفذ في ظل أي نوع من التنظيمات الإدارية وتقتصر برامج هذا النموذج في التركيز على العمليات تنظم المجتمع واستثارة الجهود الذاتية والاعتماد على التنظيمات الشعبية
3)نموذج المشروع :ويتم هذا النوع من التنمية على مستوى منطقة جغرافيه معينه نظرا لظروف خاصة بها مثل تنمية المناطق الصحراوية وتوطين البدو.الهدف الذي تسعى إليه التنمية الاجتماعية والغاية التي تقصدها تتلخص في مايلي:
1)خلق الرغبة في التغيير من خلال استشاره عدم الرضا عن الأوضاع ألقائمه وإيجاد أدوار اجتماعيه جديدة لأفراد المجتمع لتحويله من مجتمع تقليدي يعيش في ظل عادات وتقاليد متخلفة إلى مجتمع متقدم اجتماعيا و ماديا .
2)تعميم فرص التعليم وتحسين نوعيته ودفع الأفراد الى تحسين أوضاعهم الاجتماعية والتعاون والتضامن فيما بينهم للمساهمة جميعا في حل مشكلاتهم المشتركة .
3)معالجة المشكلات المترتبة على التنمية الاقتصادية كالهجرة من الريف إلى الحضر والتي من شأنها أن تزيد نسبة البطالة
4)تدعيم القيم والاتجاهات الإجتماعيه الإيجابية مثل المثابرة والصبر والتعاون وأداء الواجب.
5)تدعيم الحياة الأسرية لتزيد قوتها وتماسكها واستقرارها وتعاون أفرادها بين بعضهم البعض مع توفير الضمانات الإجتماعيه اللازمة لأفرادها.


سادسا: أساليب التنمية الاجتماعية:

ويقصد هنا با لأسلوب اعتماد التنمية على عنصر من العناصر التي تتحكم بأسلوب العملية التنموية وهي :
1)الاعتماد على القيادة الخارجية:
إي إن التنمية قد تعتمد في تحقيق غاياتها على القيادة الخارجية التي لا تنتمي الي المجتمع ذاته إذ تقوم بها جهات تابعة لدوله أو دول خارجية تكون أكثر تقدما لصالح دولة أخرى مستقلة
2)الاعتماد على الموارد الذاتية:
ويؤكد هذا الأسلوب على دور الجماعات و الإفراد والقيادات الموجودة في اكتشاف احتياجاتها والعمل معا لتحقيق الخدمات اللازمة لمقابلة هذه الاحتياجات
3)الأسلوب متعدد الأهداف:
ويركز هذا الأسلوب على تكوين جماعات صغرى وتقوية قياداتها وكشف المشكلات الإجتماعيه لوضع برنامج مشترك يتعاون الجميع في تنفيذه ويحتاج هذا الأسلوب بعض الوقت لتنمية العمل التعاوني المشترك من جانب المجتمع ذاته لمواجهة المشكلات ألقائمه فيه.