جميل راتب ..شرير السينما" الأنيق " تاجر الكيف الذي لم يرفع الراية البيضاء الثوري والأرستقراطي اختلف مع السادات فمنحه جائزة الدولة التقديرية

جميل أبو بكر محمد راتب والذي  ولد في 28 نوفمبر عام 1926 لأب مصري وأم مصرية صعيدية (وليست فرنسية كما كان يشاع) فهي ترتبط بصلة قرابة بالناشطة المصرية المعروفة في حقوق المرأة هدى شعراوي.. الأب والأم من عائلة ثرية عريقة، وهذا أهل ابنهما جميل للدراسة في المدارس الفرنسية الثقافة ودخول كلية الحقوق الفرنسية لما بلغ من العمر 19 عاما، ثم سافر لباريس لإكمال دراسته هناك وكان معه منحه لدراسة العلوم السياسية.

البداية

بدأ عمله بالفن في أوائل الأربعينات ، من خلال فيلم “الفرسان الثلاثة” للمخرج توجو مزراحي انتاج عام 1941 ولكن، كأي ابن ذوات وقتها، رفضت عائلته عمله بالفن وطلبت من توجو مزراحي حذف المشاهد الخاصة به وإلا سيقع في مشكلة

وطبعا استجاب توجو مزراحي لذلك لأنه كان متخفي من اسرته في بدايه مشواره تحت اسم احمد المشرقي.. ولكن جميل المتألق حصل على جائزة أفضل ممثل في المدارس المصرية، وهذا  يؤكد على أن بدايته الحقيقية في مصر لا في فرنسا كما كان يظن البعض .

 

نجم المسرح الفرنسي جميل راتب لورانس العرب

عاد الى مصر بداية الخمسينات مع مسرح “الكوميدي الفرنسي” لتقديم بعض العروض في القاهرة، مسرحية “الوريث”، والتي خطف الأنظار بنظراته الحادة وحضوره القوي كما يؤكد تقرير منشور في الصحافة الفرنسية.. بعدها تلقى جميل عرضا بالعمل في فيلم مصري فرنسي مشترك وهو فيلم (انا الشرق) انتاج عام 1956 وبطولة الممثلة الفرنسية كلود جودار مع جورج أبيض، وحسين رياض، وتوفيق الدقن، ثم عاد إلى فرنسا مرة أخرى. بعدها شارك بدور صغير، عام 1962، في الفيلم الأمريكي الشهير  “لورانس العرب” مع الفنان عمر الشريف.

نشاطه السياسي وخلافه مع السادات

وباستقرار جميل في مصر في منتصف السبعينات، وبدأ الظهور في السينما المصرية تم ترشيحه لدور خالد صفوان في فيلم الكرنك ولكن تم استبعاده لغرابة لكنته في ذلك الوقت.. والذي أداه بعد ذلك كمال الشناوي، وكان فيلم «الصعود إلى الهاوية»، الذي قدمه عام 1978، نقطة التحول الرئيسية في مشواره السينمائي، حيث أدى دور «أدمون» ضابط المخابرات الإسرائيلي. وحصل عن دوره في الفيلم على جائزة الدولة التقديرية تسلمها من الرئيس الراحل أنور السادات كأحسن دور ثاني. وكان جميل يساري الميول السياسية، كان عضوا في حزب التجمع المصري، الذي كان من أكبر المعارضين لسياسات الرئيس الراحل أنور السادات، وخاض معارك عنيفة معه بقرار السادات حبس بعض قياداته لم يكن الفنان الراحل جميل راتب بعيداً عن السياسة وهمومها، بل كانت تشغله بشكل كامل وتسببت في تعرضه لأزمات ومواقف صعبة بسبب نشاطه السياسي الذي أغضبت الرئيس السادات في هذه الفترة

لدرجة أن المنتجون كانوا يرفضون التعامل معه ، وظل شهور بلا عمل حتى فاز بالجائزة التي سلمها له الرئيس السادات  فانهالت عليه العروض بعد ذلك.

خاض تجربة الإخراج المسرحي في مسرحيات «الأستاذ»، و«زيارة السيدة العجوز» و«شهرزاد». كما رشحه صلاح أبو سيف، عام 1975، في فيلم «الكداب»، ثم أدى نجاحه في الدور إلى تلقيه عدد كبير من العروض كان أبرزها  فيلم «الكيف»، والذي يعد واحدا من أهم أدواره السينمائية.

فيلم الكيف ودور "سليم البهظ"

والذي رفضه في البداية  حيث كان يراه غير ملائم لشخصيته، وبعيد كل البعد عن طباعه  الشخصية، كما أن مفردات  دور تاجر المخدرات "سليم البهظ. " كانت مبهمة بالنسبة للفنان الراحل،

وفي منتصف الثمانينات بدأ مشواره مع الدراما من خلال مسلسل “رحلة المليون” مع محمد صبحي، حيث قدم دور رجل الأعمال لطفي الدمنهوري، ليشارك محمد صبحي بعد ذلك في عديد من الأعمال اهمها عام 1994 سلسلة أجزاء مسلسل «يوميات ونيس»، حيث قدم دور «أبوالفضل جاد الله»، والد «ونيس»، ونجح في دوره نجاحا كبيرا جعله يرتبط بأذهان عدد كبير من الأجيال. وكان من أواخر أعماله مسلسل «شمس» عام 2014 من بطولة ليلى علوي، التي كانت تقول في كل لقاءاتها: «أشارك جميل راتب في بطولة شمس».

 

فاتن حمامة هي «أم كلثوم» التمثيل

وكان جميل يرى أن فاتن حمامة هي «أم كلثوم» التمثيل، وحضر جنازتها رغم مرضه الشديد لحبه الكبير لها. ويرى أيضا ان أفضل ممثل في مصر حاليا هو يحيى الفخراني، وأحسن ممثلة هي عبلة كامل. صرح بذلك في أخر حوار له على صفحات جريدة «المصري اليوم»، حيث أبدى جميل راتب رأيه في المخرج الكبير يوسف شاهين، قائلا: «هو نموذج، ونفتخر به مخرجا عالميا مصريا، فاهما للسينما، مخرجا تكنيكيا عظيما جدًا، ولكن تدخله فى سيناريوهات الأعمال التى يخرجها كان سببًا فى ضعفه بالنسبة لى، لأن أفضل أفلامه كانت من تأليف كتاب كبار، وبمجرد أن بدأ مرحلة التعبير بالكتابة ضعف، وبعض أفلامه لم تكن واضحة كفكره، رغم أنها كانت إخراجيًا على أعلى مستوى، ولكنه عانى من نقطة ضعف بعد قراره كتابة أفلامه».

أيضا تحدث راتب في نفس الحوار عن الفنان الراحل أحمد زكي، قائلا: «أحمد زكى ممثل عظيم، وأتذكر أن صلاح جاهين عرض علىّ المشاركة فى فيلم «الكرنك»، ووقعت عقدا بالفعل، والصحافة كتبت ذلك فى حينها، وكذلك عرض على أحمد زكى وقتها المشاركة فى الفيلم، وعندما قرر جاهين استبعادي وأحمد زكى عن الفيلم، لأننا لم نكن أسماء تجارية فى هذا الحين، كان لذلك تأثير كبير على زكى، لدرجة أن البعض أكد أنه فكر فى الانتحار، لكنه بعد ذلك نجح فى اكتساب قاعدة جماهيرية عريضة، وتعرض لظلم شديد وقتها، لكنه ممثل موهوب، وأثبت ذلك فيما بعد خلال مشواره». كما يرى الفنان القدير أن أحمد السقا وكريم عبد العزيز وخالد النبوي ومنة شلبي ونيللى كريم من أفضل ممثلي الجيل الحالي.. وكان آخر الأفلام المصرية التي شاهدها هي «هروب اضطراري» لأحمد السقا وأمير كرارة و«الخلية» لأحمد عز، وقال عنها: «هى أفلام مميزة فى صناعتها».

وعن حياته الشخصية، تزوج راتب من فتاة فرنسية كانت تعمل بالتمثيل، واعتزلته بعد ذلك، وتفرغت للعمل كمديرة إنتاج، ثم منتجة منفذة، ثم مديرة مسرح «الشانزليزيه»، وهو يزورها بين كل حين وآخر، ولا توجد معلومة موثقة حول انفصالهما. ولكن المؤكد انه لم ينجب وليس له اي أبناء..

جميل راتب تدهورت حالته الصحية بشكل كبير في الفترة الأخيرة، وأصبح غير قادر على المشي بعد معاناته من مشاكل صحية بسبب آلام مبرحة في فقرات الظهر، وهشاشة بالعظام. وقد رفض الاستجابة لتعليمات الأطباء بإجراء جراحة عاجلة بالعمود الفقري، لكنه وافق بعد إلحاح على إتباع العلاج الطبيعي. في الأيام الأخيرة من حياته كشف هانى التهامى، مدير أعمال الفنان جميل راتب، آخر تطورات الحالة الصحية للفنان، قائلا: إن الأمور مستقرة ولكن لابد أن يظل فى المستشفى لرعايته نظرًا لكبر سنه، وأوضح خلال بعض القنوات الفضائية وعبر صفحته الشخصية على فيسبوك، أن الفنان جميل راتب فقد صوته، وأن الأطباء ليس فى يدهم أي شيء لفعله بسبب كبر عمره. الى ان رحل عن دنيانا في صباح يوم الأربعاء الموافق 19 سبتمبر 2018 عن عمر يناهز 92 عاما.

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • You can align images (data-align="center"), but also videos, blockquotes, and so on.
  • You can caption images (data-caption="Text"), but also videos, blockquotes, and so on.