في ظل الجدل المجتمعي والتشريعي المتواصل حول قانون الإيجار الجديد، تتباين المطالبات بين الملاك الراغبين في تصحيح أوضاعهم القانونية واستعادة وحداتهم المؤجرة، وبين المستأجرين الذين يتمسكون بحق الامتداد القانوني للعقود، لتبقى التساؤلات قائمة: متى يحق للمالك قانونًا استرداد وحدته المؤجرة؟ وما هي الضوابط التي حددها القانون؟
دخول القانون حيز التنفيذ
القانون رقم 164 لسنة 2025 الخاص بتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر دخل رسميًا حيز التنفيذ عقب تصديق الرئيس عبد الفتاح السيسي عليه في 4 أغسطس 2028، ليبدأ العد التنازلي لمرحلة جديدة تهدف إلى إنهاء الجدل الذي لازم قانون الإيجار القديم لعقود طويلة.
ويستهدف القانون تحقيق توازن عادل بين الطرفين، من خلال جدول زمني لإنهاء عقود الإيجار الممتدة، مع تحديد آليات للتعويض، بالإضافة إلى إطلاق وزارة الإسكان موقعًا إلكترونيًا لتسجيل المستأجرين الأصليين وحصر الوحدات المؤجرة، تمهيدًا لتوفير بدائل أو صرف تعويضات مناسبة.
حالات إخلاء الوحدات وفق القانون الجديد
صرّح المحامي بالنقض أيمن محفوظ أن القانون وضع حالات قانونية واضحة تتيح للمالك استرداد وحدته المؤجرة قبل انتهاء المدد الانتقالية، ومن أبرزها:
-
عدم سداد الإيجار: سواء الامتناع الكلي أو التأخير المتكرر، استنادًا للمادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981، والتي تجيز للمالك طلب إخلاء العين حال إخلال المستأجر بالتزامه بسداد الأجرة أو الزيادات القانونية، خصوصًا بعد التعديلات الأخيرة التي حددت حدًا أدنى للزيادة بقيمة 250 جنيهًا.
-
إلحاق أضرار جسيمة بالعين المؤجرة: مثل إحداث تلفيات كبيرة تؤثر على سلامة العقار.
-
التأجير من الباطن دون إذن كتابي: وهو سبب مباشر لإخلاء الوحدة إذا تم بدون موافقة المالك.
-
استخدام العقار في غير الغرض المتفق عليه: كتحويل الوحدة السكنية إلى نشاط تجاري بالمخالفة لشروط العقد.
-
غلق العين لفترات طويلة دون استخدام فعلي: مما يعتبر دليلاً على عدم الحاجة للوحدة.
-
وفاة المستأجر الأصلي دون وجود امتداد قانوني صحيح:
-
في الوحدات السكنية: يشترط إقامة أحد الورثة مع المستأجر المتوفى لمدة سنة سابقة على الوفاة.
-
في الوحدات التجارية: يشترط أن يكون أحد الورثة مستمرًا في ممارسة نفس المهنة التي كان يزاولها المستأجر الأصلي.
-
الإجراءات القانونية قبل اللجوء للقضاء
وأكد محفوظ على ضرورة التزام المالك بالإجراءات الشكلية السليمة قبل رفع الدعوى، وأهمها:
-
توجيه إنذار رسمي للمستأجر بالمخالفة أو بضرورة سداد الأجرة.
-
ثم رفع الدعوى سواء أمام القضاء المستعجل أو الموضوعي.
وأشار إلى أن القانون الجديد جاء ليضع ضوابط عادلة تحقق التوازن بين حقوق المالك والمستأجر، وتُنهي التشوهات التي رافقت قانون الإيجار القديم لعقود طويلة.
المدد الانتقالية لإنهاء العقود
ونص القانون على مدد انتقالية لإنهاء عقود الإيجار الممتدة، جاءت على النحو التالي:
-
الوحدات السكنية: تنتهي عقودها بعد 7 سنوات من تاريخ سريان القانون.
-
الوحدات غير السكنية (المحلات التجارية): تنتهي عقودها بعد 5 سنوات.
-
مع الإبقاء على حق الطرفين في إنهاء العقد بالتراضي قبل انقضاء هذه المدد.
وبذلك يكون القانون قد وضع خريطة واضحة للمستقبل، تحفظ حقوق الملاك في استرداد وحداتهم، وفي الوقت نفسه تمنح المستأجرين فترات انتقالية كافية لتوفيق أوضاعهم.

