في خطوة تصعيدية تعكس تشدد الإدارة الأمريكية في ملف التجارة الخارجية، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن البيت الأبيض سيبدأ، اعتبارًا من اليوم الجمعة، إخطار الشركاء التجاريين بتطبيق تعريفات جمركية جديدة على صادراتهم إلى الولايات المتحدة، بشكل أحادي، ضمن خطة تهدف إلى فرض شروط تجارية جديدة قبل الموعد النهائي المحدد في 9 يوليو المقبل.
رسائل جمركية إلى أكثر من 10 دول
قال ترامب، في تصريحات نقلتها صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية، إنه من المتوقع أن يُرسل بين 10 إلى 12 خطابًا تحذيريًا اليوم إلى الشركاء التجاريين، على أن تُرسل خطابات إضافية لاحقة لضمان شمول جميع الدول المعنية بالتعديلات الجديدة بحلول الأربعاء المقبل.
وأوضح أن نسب الرسوم الجمركية الجديدة ستتراوح بين 10% و70%، مشيرًا إلى أن بعض الدول ستواجه تعريفات أعلى مما تم الإعلان عنه مسبقًا في ما سماه “يوم التحرير” الذي وافق 2 أبريل الماضي.
تراجع الصبر الأمريكي في مفاوضات التجارة
وكان ترامب قد أعرب سابقًا عن أمله في إبرام صفقات تجارية متعددة مع الشركاء الرئيسيين، عقب فرض تعريفاته الأولى، لكنه أشار في حديثه الأخير إلى أن صبره بدأ ينفد، ملوحًا باتخاذ إجراءات أحادية الجانب تجاه الدول التي لم تتجاوب مع مطالب واشنطن.
وأضاف ترامب: “أُفضل إرسال خطاب مباشر للدولة وتحديد الرسوم التي ستدفعها.. هذا أسهل بكثير من التفاوض”.
غموض حول نوعية السلع المشمولة بالرسوم
ورغم توضيح ترامب لقيمة الرسوم الجديدة، فإنه لم يُحدد ما إذا كانت التعريفات ستشمل جميع السلع، أم أنها ستُفرض فقط على سلع محددة. وأكد أن السيارات والصلب يخضعان حاليًا لتعريفات جمركية بنسبة 25% و50% على التوالي.
وأشار الرئيس الأمريكي إلى أن الرسوم الجديدة ستدخل حيز التنفيذ بدءًا من 1 أغسطس المقبل، وأن العائدات ستبدأ في التدفق إلى خزينة الولايات المتحدة من ذلك التاريخ.
زيادة كبيرة في عائدات الرسوم الجمركية
وفقًا لبيانات رسمية نُشرت هذا الأسبوع، فقد ارتفعت عائدات الرسوم الجمركية الأمريكية لتبلغ 24.2 مليار دولار في مايو الماضي، أي أكثر من أربعة أضعاف ما كانت عليه في نفس الفترة من العام الماضي، وبزيادة تفوق 25% عن شهر أبريل.
ضغط على الأسواق وتأجيل التفاوض لـ90 يومًا
كان ترامب قد فرض في “يوم التحرير” رسومًا متبادلة بنسبة تصل إلى 50%، لكنه قرر بعد ضغط من أسواق السندات التراجع عن التصعيد مؤقتًا ومنح الدول مهلة تفاوضية لمدة 90 يومًا، أملاً في الوصول إلى اتفاقات.
ومنذ ذلك الحين، لم تُبرم سوى المملكة المتحدة وفيتنام اتفاقيات مبدئية، في حين لم تُظهر دول رئيسية مثل اليابان تقدمًا ملموسًا، رغم فرض رسوم عليها بنسبة 24% في أبريل.
التعريفات وفق حجم العجز التجاري
ووفقًا لتقرير فاينانشيال تايمز، فإن الرسوم التي فُرضت في “يوم التحرير” تم تحديدها بناءً على حجم العجز التجاري لكل دولة مع الولايات المتحدة. وكانت الأسواق الآسيوية، لا سيما فيتنام، من بين الأكثر تضررًا بهذه السياسات.
وأشار ترامب هذا الأسبوع إلى أن فيتنام ستدفع الآن ضريبة ثابتة بنسبة 20% على السلع المصنعة داخل أراضيها، بينما ستُفرض ضريبة بنسبة 40% على السلع المُستوردة والمُعاد تصديرها عبرها.
وتُثير هذه الإجراءات مخاوف من تصعيد حرب تجارية جديدة قد تؤثر سلبًا على الاقتصاد العالمي، خصوصًا في ظل حالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي التي تسيطر على الأسواق الدولية في الوقت الراهن.